"م-ماذا تريد؟" قال البائع بتردد وهو يحدق بحذر بالشاب الذي يرتدي بدلة، لأنه في مجال عملهم غالبًا ما يقابلون أشخاصًا يصرون على استرداد أموالهم بعد الشراء.
قال الشاب بقلق: "مرحبًا يا سيدي، هل قمت بشراء عنصر غير مرغوب فيه من منزل عائلة طاهر؟ نسخة من مزهرية خزفية، لا تخف فأنا حقًا بحاجتها ويمكنني شراؤها منك مهما كان الثمن!"
تفاجأ البائع بكلماته وفكر: "هل يتحدث عن المزهرية التي بعتها لذلك الرجل الغبي؟" وبما أنه واجه مثل هذه المواقف مرات عديدة من قبل لم يكن ينوي تصديق الشاب لذا قال: "لم أشتر شيئًا كهذا، أنا أبيع فقط التحف الأصلية هنا ولا أجمع القمامة."
أصر الشاب والاضطراب واضح في صوته: "أنا بحاجة ماسة إليها، إنها ليست شيئًا ذا قيمة لكن يمكنك تحديد السعر الذي تريده فأنا متأكد من أنك من اشتراها." وبينما كان يتحدث أخرج كومة من النقود من جيبه بسرعة ووضعها في يد البائع وأكمل: "هل يكفي هذا؟ يمكنك أخذه كله."
عندما رأى البائع أن الشاب دفع مثل هذا المبلغ دفعة واحدة اعتقد أن صاحب العمل لن يؤذيه بسبب مزهرية كما أنه فحص تلك المزهرية بعناية وتأكد من أنها ليست تحفة، فاعترف أخيرًا: "لقد بعتها للتو لشاب آخر."
سأل الشاب بعجلة: "بعتها؟ هل تعرف إلى أين ذهب؟"
رد البائع بانزعاج: "لا! لا يمكنك أن تتوقع مني أن أجري تحقيقات عن زبائني أليس كذلك؟"
عندما سمع الشاب ذلك تجاهله ووقف في مكانه وهو يفكر فيما يجب عليه فعله الآن.
اقترح رجل مسن كان يقف بالجوار: "لماذا لا تتحقق من لقطات الكاميرات أيها الشاب؟ ربما يمكنك العثور على ذلك الرجل بهذه الطريقة، بدا أنه شخص لطيف وإذا كانت المسألة مهمة بالنسبة لك فقد يسمح لك بالحصول عليها."
قال الشاب بسعادة: "نعم هذا صحيح، شكرًا لك يا سيدي." وبعد أن شكر الرجل المسن ركض بسرعة نحو مكتب إدارة مدينة التحف.
كان البائع في حالة صدمة تامة وتمتم وهو عاجز عن تصديق ما حصل وهو ينظر إلى النقود في يده: "هل أعطاني كل هذه النقود مقابل سؤال واحد فقط؟"
في تلك الأثناء في منزل عائلة غريب كانت أمل تفرغ غضبها على الوسائد عندما فكرت في كتب الطب التقليدي والمزهرية الخزفية التي اشتراها أيهم، خلال ثلاث سنوات من زواجهما ورغم أنه كان جيدًا معها بغض النظر عن مدى برودتها تجاهه وكان دائمًا مخلصًا لها لكن الزواج ببساطة لا يمكن أن ينجح بمشاعر من جانب واحد فقط، كان لدى صديقاتها المقربات وأزواجهم مسيرة مهنية ناجحة وبالمقارنة معهم كان أيهم الوحيد الذي يبقى في المنزل طوال اليوم يقوم بالأعمال المنزلية.
في تلك الأثناء تفقد أيهم الوقت ثم توجه إلى الحديقة الصغيرة خلف الحي، كانت منطقة منعزلة نوعًا ما لذا كان من النادر رؤية بعض المارة، بعد أن وجد مكانًا أكثر عزلة رفع كميه وبدأ بممارسة مجموعة من التقنيات، في البداية كانت حركاته بطيئة لكنه سرعان ما زاد من سرعته وبدأت الأوراق المتساقطة حوله التي شحنت من طاقته تشكل جدارًا من الأوراق يدور حوله، فجأة ضرب شجرة ضخمة بجانبه بكفه فسُمع دوي عالٍ وتحطمت الشجرة الكبيرة، شعر أيهم بالرضا وهو ينظر إلى الشجرة وقال في نفسه: "أخيرًا عدت إلى عالم فنون القتال." ومع المهارات التي اكتسبها من القلادة كان واثقًا أنه يستطيع الوصول قريبًا إلى مستوىً عالٍ في فنون القتال، وعندما كان يمارس تقنية الكف شعر أنه قريب من تحقيق هذا الهدف.
في هذه الأثناء تسللت ليلى إلى غرفة أيهم عندما رأت أنه خرج، نظرت بازدراء إلى غرفته المتواضعة وبدأت تبحث وأخيرًا وجدت المزهرية الخزفية التي اشتراها للتو وتمتمت بغضب: "لا تلم إلا نفسك على كونك مسرفًا، سأرمي هذه بعيدًا."
كانت تنوي فعل ذلك بالفعل عندما خرجت من غرفته حاملة المزهرية ولكنها اصطدمت بأمل التي كانت في الممر، لاحظت أمل أنها تحمل المزهرية وسألت وهي تعبس: "أمي لماذا دخلت غرفة أيهم دون إذن؟"
صاحت ليلى: "هذا الفاشل اشترى هذه القمامة وأحضرها إلى المنزل، إذا رأتها خالتك ستسخر منا بالتأكيد لأننا نجمع القمامة، يجب أن أرميها."
قالت أمل: "أمي لقد أخبرتك مرات عديدة بعدم التواصل مع الخالة كاميليا والآخرين، أنت تعرفين كيف كانوا يعاملوننا منذ وفاة الجد، سلوكهم بعيد كل البعد عن كيفية تصرف الأقارب أو حتى الأشخاص المحترمين!"
"مجرد ذكر جدك يشعرني بالغضب، كان يحبك عندما كان على قيد الحياة وكان يريد أن يسلمك منصب الرئيس في شركة غريب حتى، لكن ماذا حدث في النهاية؟ حصلت على فاشل كزوج بدلًا من ذلك، لولا هذا المتطفل لما كانت عائلتنا محط سخرية الجميع ولما تم نقل والدك إلى مكان معزول." قالت ليلى وغضبها يتزايد مع كل كلمة ولو لم تكن قلقة بشأن إفساد الأرضية لكانت قد رمت المزهرية.
على الرغم من أن أمل كانت تعرف أن كل ما قالته ليلى صحيح لم يكن هناك ما يمكنها فعله لأن هذه الأمور قد حدثت بالفعل، كما أنها كانت تتساءل لماذا أراد جدها أن تتزوج أيهم فهي لا ترى فيه أي شيء مميز على الإطلاق.
بعد أن انتهت ليلى من كلامها تجاوزت أمل ونزلت إلى الطابق السفلي بالمزهرية ورمتها في حاوية القمامة خارج المنزل، ثم عندما سمعت صوت تحطم الخزف ابتسمت بفخر وعادت إلى المنزل.
ما لم تكن تعلمه هو أن المزهرية لم تتحطم في حاوية القمامة بل انكسر جزء صغير منها في الزاوية وكشف عن طبقة أخرى تحتها.
عندما عاد أيهم إلى المنزل لم يعد إلى غرفته على الفور لذا لم يكن لديه فكرة أن ليلى قد رمت مزهريته، بعد العشاء قام بتنظيف كل شيء وعاد إلى غرفته ليكتشف أن مزهريته مفقودة، كان يشك بهوية الفاعل لذا عبس بشدة وهو ينزل إلى الطابق السفلي ليسأل ليلى التي كانت تشاهد التلفاز على الأريكة: "أين المزهرية التي كانت في غرفتي؟"
رفعت ليلى رأسها ونظرت إليه باحتقار وقالت بسخرية: "ماذا؟ هل تظن أنك تستطيع أن تكون وقحًا معي بعد أن خدعت عائلة وليد بعشرين ألف؟"
"أنا أسألك أين تلك المزهرية؟" أعاد أيهم السؤال بنبرة باردة.
قالت بلا اهتمام: "رؤيتها في المنزل تزعجني لذا رميتها."
"أين رميتها؟" سأل أيهم بغضب.
"لا أستطيع أن أتذكر!" أجابت ليلى وقد تعمدت عدم إخبار أيهم بمكانها وهي تنظر إليه بطريقة غير مبالية.
فقد أيهم هدوءه وعبس في وجهها وهو يشد قبضتيه بقوة وسأل: "أين المزهرية؟"
شعرت ليلى بالخوف عندما رأت الغضب في عينيه وفكرت: "لماذا لديه نظرة مخيفة كهذه؟ هل سيضربني؟"
في تلك اللحظة ظهرت أمل التي كانت متجهة لجلب شيء تشربه وصاحت: "ماذا تفعل يا أيهم فواز؟ ما هذه النبرة التي تتحدث بها مع والدتي؟ هل تصرخ عليها بسبب مزهرية؟!"