"ما الذي تتحدث عنه؟ لوحتي أنا مزيفة؟" صرخ كمال بغضب.
لم تصدق أمل أن الشخص الذي يقف أمامها هو أيهم ففي عقلها كان أيهم دائمًا الشخص الذي يتعرض للتنمر وكان دائمًا يتحمل بصمت فمن أين جاءته الشجاعة للجدال ضد كمال اليوم؟
قال أيهم بسخرية: "قلت أن لوحتك مزيفة، إنها صبغة وليس ألوانًا، لوحتك تبدو سيئة الصنع وحتى رائحة جوز الهند لم يتم إزالتها، فقط الأغبياء مثلك سيشترون مثل هذه اللوحات."
كان كمال غاضبًا لدرجة أنه ضحك قليلًا فقط قبل أن يرد بسخرية: "أنت مجرد شخص بلا قيمة، هل أنت رسام؟ كيف تعرف أن لوحتي مزيفة؟"
صرخت ليلى عليه من الجانب: "لا تتحدث بما لا تعرف به يا أيهم، لا تقل الأكاذيب عن كمال."
تبعتها مجموعة أخرى من أصوات المعترضين الساخرة:
"نعم لم ترها حتى قبل أن تقول بأنها مزيفة."
"لماذا تتظاهر بأنك خبير فني؟ لم أرك تتصرف هكذا من قبل."
"سيكون جيدًا لو كنت تستطيع التمييز بين الملح والسكر ففي النهاية أنت من يطبخ في المنزل."
تعالت أصوات الضحك في الفندق وكانت مزعجة وصاخبة.
قال أيهم وهو يبتسم بطريقة ساخرة: "ما كشفها هو طريقة التدخين، يضع المزور القطعة الفنية في غرفة مغلقة ثم يشعل قشور جوز الهند أو البخور ليدخنها، بعد بضعة أيام تتحول الورقة إلى اللون البني، شمها بنفسك ألا تستطيع أن تشم رائحة جوز الهند في الهواء؟"
كانت عائلة فواز بارزة في عالم الفن لفترة طويلة وتمتلك العديد من المخطوطات واللوحات لفنانين مشهورين، حتى أن جده قام بإجراء بحث عن التخطيط واللوحات المختلفة لذا كان أيهم يعرف الكثير عن هذه الأمور.
قرّب كمال أنفه من اللوحة وشمها وتغيرت تعابير وجهه على الفور وتوقع الجميع أن أيهم كان يقول الحقيقة بالفعل، لم يتوقع أحد أن هذا الزوج عديم القيمة يعرف عن الفن واللوحات حقًا وفي هذه اللحظة حتى ليلى كانت تنظر إلى أيهم بدهشة.
"اللوحة حقيقية." قال صوت حاد وعال من خلف كمال.
التفت الجميع ليواجهوا الرجل وأدركوا أنه مراد غريب والد كمال، هو عم أمل ورئيس عائلة غريب وبينما قال ذلك كان ينظر إلى أيهم بازدراء.
"لكن…" قال أيهم.
"اسكت!" صاح مراد فورًا قبل أن يتمكن أيهم من الانتهاء من جملته ثم تابع ببرود: "أنت مجرد زوج عديم القيمة، من تعتقد نفسك لتجرؤ على التشكيك في أحكام كمال؟"
"أيها العم!" صاحت أمل وهي تعبس.
"اصمتي!" صرخ مراد مرة أخرى.
كان أي شخص يستطيع إدراك أن رئيس العائلة يحمي كمال فقط لذا لم يجرؤ أحد على التحدث، نظر أيهم إلى مراد لكنه لم يقل شيئًا فحتى لو عرضت الحقائق أمام الجميع كانت مكانة مراد ورقته الرابحة بالإضافة إلى ذلك الآن لم يكن الوقت المناسب للكشف عن هويته الحقيقة، هذه المسألة الصغيرة لم تكن شيئًا مهمًا بالنسبة لأيهم فقد تحمل مثل هذا الظلم لمدة ثلاث سنوات لذا لن يضره التحمل لفترة أطول قليلًا.
في الوليمة رتبت عائلة غريب ركنًا للهدايا وتم وضع هدية أيهم في النهاية.
مثل كل عام غادرت عائلة أمل بعد فترة وجيزة تحت أنظار الجميع الساخرة، خرج أيهم وحده بعد بوابة الفندق.
نظرت أمل إليه ونادته: "اصعد إلى السيارة."
عندما سمع أيهم كلماتها التفت نحوها فهو لم يكن يتوقع ذلك، ظهرت نظرة اشمئزاز على وجه ليلى لكنها لم تعترض، في الطريق إلى المنزل لم يقل الثلاثة أشخاص في السيارة أي كلمة، جلس أيهم في الخلف ونظر خارج النافذة بهدوء، فجأة توقفت السيارة فرفع أيهم رأسه بشكل غريزي ونظر حوله ولاحظ أنهم علقوا في ازدحام مروري.
أمرت ليلى: "انزل وألق نظرة، تحقق من مدى الازدحام."
خرج أيهم من السيارة على الفور وفعل كما أمرته، عندما اقترب وجد مجموعة من الناس تجتمع حول شيء ما وبعد أن مرّ عبر الحشد أدرك أن الازدحام المروري كان بسبب حادث سيارة.
في تلك اللحظة رأى امرأة تجلس على الأرض وتساعد رجلًا مغطىً بالدماء، كانت المرأة تصرخ بيأس: "استدعوا سيارة الإسعاف، فليستدع شخص ما سيارة الإسعاف."
نظر أيهم إلى الرجل في أحضان المرأة واندفع للأمام ليجلس بجانبها، فزعت المرأة بسبب ذلك وقالت: "ماذا تفعل؟"
"أنقذ هذا الرجل." قال أيهم بقسوة.
"هل أنت طبيب؟" سألت المرأة بدهشة عندما سمعت كلماته.
قال أيهم وهو يعبس: "إذا استمريت في الكلام سيموت." كان يمكنه أن يعرف أن الرجل ينزف بغزارة من النظرة الأولى.
تأثرت المرأة بكلامه وسلمته الرجل دون أي اعتراض.
مدد أيهم الرجل على الأرض وقال في نفسه: "اعتبر نفسك محظوظًا لأنك صادفتني."
لو حدث هذا الشيء قبل أيام كان أيهم ليكون عاجزًا ولكن اليوم تلقى معرفة طبية من ذلك الشخص الغامض لذا هذا الرجل لم يكن مقدرًا له أن يموت، كان الوقت ينفد لذا كان عليه استخدام طاقته الداخلية لأنه لم يكن لديه إبر ذهبية، وعندما كان على وشك البدء سمع صوت أمل: "ماذا تفعل يا أيهم؟"
اقتربت أمل منه ونظرت إلى المشهد أمامها، عندما استغرق وقتًا طويلًا للعودة إلى السيارة خرجت بحثًا عنه وغضبت عندما اقتربت ورأته يعبث بالرجل الذي تعرض لحادث سيارة وصاحت عليه بغضب: "أنت لست طبيبًا، لماذا تفعل هذا؟!"
لم يكن لدى أيهم وقت للرد عليها لذا بدلًا من ذلك ضرب الرجل عدة مرات وتدفق الدم من فم الرجل، ثم قال بثقة: "حسنًا لقد توقف النزيف الداخلي، عندما تأتي سيارة الإسعاف اذهبوا إلى المستشفى وأخبري الأطباء أنه يحتاج إلى نقل الدم في أقرب وقت ممكن."
"هذا كل شيء؟" قالت المرأة وهي تنظر إلى أيهم بشك ثم فكرت في نفسها: "هل يمكن أن يكون هذا الرجل محتالًا؟" وبينما كانت تفكر بذلك فتح الرجل المصاب عينيه وتمتم ببعض الكلمات فقالت: "ملهم، ملهم، هل أنت بخير؟! حبيبي أنت مستيقظ؟!" ثم شكرت أيهم بسرعة: "شكرًا لك أيها الشاب!"
نظرت أمل إلى أيهم بدهشة وقالت: "شكرًا؟ هل أنقذته حقًا؟"
لم يرد أيهم على أمل بل قام بتذكير المرأة: "تذكري ما قلته."
بمجرد أن قال ذلك وصلت سيارة الإسعاف إلى الموقع وساعد أيهم الطبيب في نقل الرجل إلى سيارة الإسعاف قبل العودة إلى أمل.
بدأ الناس المتجمعون يتحدثون فيما بينهم:
"هو يشبه الابن الأكبر لعائلة وليد!"
"نعم بالضبط."
"لم أتوقع أن يكون هذا الشاب طبيبًا!"
كانت أمل غاضبة جدًا بسبب تصرف أيهم المستهتر وأمرت ببرودة: "عد إلى السيارة." بينما قالت في نفسها: "ربما تكون هذه مجرد مصادفة، كيف لن أعرف أن لدى أيهم مهارات طبية بعد ثلاث سنوات من الزواج منه؟" وأصبحت تكرهه أكثر الآن فقد تتسامح مع كونه عديم القيمة لكنها لا تستطيع السماح له بأن يجعل من نفسه أضحوكة.
بعد أن عادا إلى حدود سيارتهما لم تستطع أمل إلا أن تسأل: "هل تعرف ما كنت تفعله؟"
"ماذا فعل؟" سألت ليلى عندما سمعت كلمات أمل.
قالت أمل بانزعاج: "أنقذ ابن عائلة وليد، اعتقد الجميع أنه طبيب."
عندما سمعت ليلى ذلك تغيرت تعابيرها وضربت أيهم على الفور وبدأت تشتمه: "أنت صبي عديم الفائدة! هل تعرف ماذا فعلت؟ هل تعرف أن كامل أرمانوفا ستتأثر إذا مات ابن عائلة وليد؟ الآن يجب أن تبدأ بالصلاة بأن يتعافى، ماذا ستفعل إن حدث له شيء؟ أنا أرتجف من فكرة ما سيجب علينا تحمله إذا أصابه مكروه."