"سأذهب إلى الأسفل الآن." وبعد أن قال أيهم ذلك وضع وعاء الرامن على الأرض ونزل الدرج.
"مثير للإعجاب؟" تمتمت أمل لكن كان في عينيها القليل من العاطفة التي لم تعرف سببها وهي تراقب أيهم يغادر، أدركت أن الهالة التي تصدر منه قد تغيرت في تلك اللحظة، لم يعد ذلك الفاشل الذي كان عليه في الماضي بل أصبح الفخر والكبرياء واضحين عليه.
بعد أن نظف أيهم الفوضى التي تركتها ليلى عاد إلى غرفته، على الرغم من أنها لم تكن أفضل غرفة يمكن أن تقدمها عائلة غريب إلا أنه كان معتادًا عليها، ومع أنه من عائلة ثرية إلا أنه لم يكن حساسًا مثل أولاد العائلات الراقية الآخرين، وبالإضافة إلى ذلك كان على طفل عائلة فواز ممارسة فنون الدفاع عن النفس منذ الطفولة لذا كان الألم الذي كان على أيهم تحمله لكي يتقن فنون الدفاع عن النفس تفتخر به عائلته كبيرًا.
بعد أن جلس أيهم على السرير ابتلع على الفور حبة واحدة من حبوب تنظيف النخاع، ظل مستيقظًا طوال الليل تقريبًا يتعاون مع تأثير حبة تنظيف النخاع لتدوير تدفق طاقته الداخلية في جميع أنحاء جسده باستمرار، خلال هذه العملية بدأت القنوات في جسده تفتح واحدة تلو الأخرى ونتيجة لذلك زادت الطاقة في جسده بسرعة مع كل خطوة ناجحة.
عندما استيقظ أيهم عند الفجر وفحص قاعدة التجميع لديه هزّ رأسه برضا وفكر: "هذا الدليل هو هدية من الله حقًا، أعتقد أنني لن أحتاج وقتًا طويلًا قبل أن أعود إلى حالتي السابقة أو أحقق قوة أكبر حتى."
كان أيهم بالفعل سيد فنون دفاع عن النفس من قبل ولو لم يدمر شخص ما أساس فنون الدفاع عن النفس عنده لكانت قوته ستكون في ذروتها خلال هذه الثلاث سنوات.
كانت أمل متفاجئة قليلًا عندما استيقظت ورأت أيهم حيث شعرت أن أيهم لم يعد كما كان، وقالت في نفسها: "إذا كنت أقول أنني كنت قد أحسست بتغير في هالته الليلة الماضية، فإن أيهم هذا الصباح يشعرني بأنه رجل آخر تمامًا."
أثناء الإفطار أخذ أيهم أدوات الطعام وذهب إلى مقعده في المطبخ بعد أن رأى النظرة غير السعيدة على وجه ليلى وقال في نفسه: "أنا حقًا لا أريد أن أستمر في تعريض نفسي لشكوى ليلى."
شعرت أمل بالأسف عليه قليلًا وقالت في نفسها: "لو لم أخبر أمي بالحقيقة الليلة الماضية لما عاد موقفها تجاه أيهم هكذا، في الواقع إن تعاملها معه أبرد من السابق." ثم قالت بصوت عالٍ وهي تنظر إلى المطبخ: "أيهم تعال وانضم إلينا على الطاولة."
رفعت ليلى رأسها على الفور ونظرت إلى ابنتها، أرادت أن تقول شيئًا ولكن تم اعتراضها مباشرة من قبل نظرات ابنتها الحازمة وقالت أمل: "نحن عائلة في النهاية وسنكون محل سخرية إذا اكتشف الآخرون هذا."
"لم أعتبره أبدًا كزوج لابنتي." قالت ليلى بسخرية.
"أيهم تعال وانضم إلينا." طلبت أمل مرة أخرى.
عندما سمع أيهم ذلك لم يكن لديه خيار سوى الذهاب إلى طاولة الطعام مع وجبته، قال في نفسه: "لا يمكنني فعل شيء فقد وقعت في حب أمل، بالإضافة إلى ذلك يبدو أن موقفها نحوي تحسن كثيرًا بما أنها اتخذت المبادرة بالسماح لي بالانضمام إليهم على طاولة الطعام."
قالت أمل بهدوء: "اذهب إلى المكتبة لاحقًا واشتر بعض الكتب التي تتكلم عن عالم الجمال، ادرس مجال التجميل أكثر وسوف تتمكن من الحصول على وظيفة في شركة غريب في المستقبل، توقف عن الأحلام غير الواقعية بأن تصبح طبيبًا تقليديًا، قل لي أي طبيب في هذا المجال يمكن أن يحقق نجاحًا كبيرًا ويكون مشهورًا قبل أن يصل إلى الشيخوخة؟ كيف يمكنك تحقيق النجاح بسرعة بقراءة بعض الكتب فقط؟"
على الرغم من أن الكلام الذي قالته أمل كان ساخرًا بعض الشيء إلا أن أيهم ما زال يسمع بعض القلق في صوتها، أشار برأسه وقال: "حسنًا."
سألت ليلى بسخرية: "ما الفائدة من دراسته؟ موقعك في شركة غريب ليس كبيرًا كما كان في السابق، ماذا يمكن أن يفعل إذا ذهب للعمل هناك؟"
كانت أمل تعرف وضعها جيدًا ومع ذلك أصرت قائلة: "حتى لو لم يكن موقعي كبيرًا يمكن لأيهم العمل كبائع في الشركة في المستقبل إذا عمل بجد، هذا أفضل من لا شيء."
فكّر أيهم في نفسه: "بائع إذًا؟ ما تزال لا تصدقني في النهاية." بعد ذلك ابتسم وقال لنفسه: "حسنًا لقد تم اعتباري عديم الفائدة لمدة ثلاث سنوات لذا كيف يمكنني أن أتوقع من أمل أن تتوقع مني الكثير؟"
صاحت ليلى عندما رأت أيهم يبتسم: "ما تزال لديك الجرأة على الابتسام؟ أليس لديك أي حياء؟ هل نشأت تحت صخرة؟!" في الحقيقة كانت ما تزال غاضبة منذ الليلة الماضية، في البداية كانت تفكر بإنشاء علاقة مع عائلة كبيرة كعائلة وليد حتى تتمكن من الاقتراب من عيش حياة مترفة، لكن على عكس المتوقع تبين لها أن أيهم أنفذ لؤي بالصدفة، الآن كانت تتمنى أن تكون محظوظة بألّا تعود عائلة وليد للبحث عن أيهم ولم تعد تفكر بالاعتماد عليهم لتحقيق حياة مريحة، وبالإضافة إلى ذلك كانت قد تفاخرت أمام أصدقائها بأن أيهم سيصبح شخصًا مهمًا قريبًا عندما ذهبت للتسوق معهم أمس لذا كان من الطبيعي أن تشعر بالعار والغضب بعد أن دمرت أحلامها، وذلك الغضب الذي تجمع داخلها انفجر عندما رأت أيهم يبتسم ولذلك صرخت في وجهه.
لم يقل أيهم شيئًا ولكنه رفع رأسه فجأة ونظر إلى ليلى فأرسلت البرودة في نظرته قشعريرة في جسدها أجبرتها على أن تصمت.
نظرت أمل إلى سلوك ليلى الغريب بإعجاب وقالت في نفسها: "أمي صمتت بالفعل بعد أن نظر إليها أيهم؟! لم يحدث هذا من قبل، كان أيهم في الماضي ليعتبر محظوظًا لو بقي على قيد الحياة بعد أن ينظر إلى أمي بهذه الطريقة، أصبح أيهم غريبًا قليلًا خلال اليومين الماضيين."
بعد الإفطار ذهبت أمل إلى العمل بينما ذهبت ليلى للعب الورق مع أصدقائها كالعادة، غادر أيهم المنزل أيضًا وذهب إلى مكتبة واشترى نسختين مترجمتين من الكتب القديمة حول الطب التقليدي بدلًا من شراء كتب تهتم بعالم التجميل التي طلبت منه أمل قراءتها، ثم ذهب إلى مدينة التحف مرة أخرى، أراد أن يجرب حظه ويرى ما إذا يستطيع شراء بعض الإبر الفضية هذه المرة، قال في نفسه: "لقد تخليت عن فكرة البحث عن الإبر الذهبية فهي ليست شيئًا يمكنني شراؤه في مكان كهذا، في الوقت الحاضر يستخدم العديد من أطباء الطب التقليدي الإبر الحديدية لأنها لا تتطلب أي تقنيات خاصة على الإطلاق، للأسف هذا يؤدي أيضًا إلى ندرة مستخدمي الإبر الفضية فهم لن يستعملوا الإبر الفضية حتى يكون لديهم عشر سنوات من الخبرة لأن الإبر الحديدية يمكن أن تعطي النتائج المرجوة على الرغم من أنها تسبب المزيد من الألم للمرضى، أما عند استخدام الإبر الفضية سيشعر المرضى بألم طفيف فقط عندما ندخل الإبر في بداية العلاج وعلاوة على ذلك فإن التأثير العلاجي لها أفضل من الإبر الحديدية، أما بالنسبة للإبر الذهبية فلا حاجة حتى لذكر المزايا التي تتمتع بها مقارنة بغيرها فهي كثيرة، في الواقع السبب وراء فقدان العديد من تقنيات الوخز بالإبر في الطب التقليدي هو ظهور الإبر الحديدية.
كان أيهم متفاجئًا قليلًا عندما زار سوق مدينة التحف هذه المرة فعلى عكس المرة السابقة كان يمكنه رؤية حقل طاقة خافت ينبعث من العناصر المباعة في السوق، حاول أن يمسك بعنصر يحتوي على حقل طاقة ضعيف نسبيًا ثم أدرك أنه كان تحفة لفنان مشهور عند الفحص الدقيق ولم يكن قطعة أثرية على الإطلاق، بعد عدة مقارنات أدرك أيهم شيئًا وهو أنه كلما كان حقل الطاقة للعنصر أكبر كان العنصر أقدم وأكثر قيمة، للأسف كانت معظم العناصر التي تباع في سوق التحف مزيفة وكان أفضل شيء يمكن الحصول عليه من هناك مجرد أعمال الفنانين المعاصرين الشهيرين وبالتالي سيكون من الصعب على أيهم العثور على قطعة أثرية حقيقية، وبعد نصف ساعة من التجول في السوق لم يجد شيئًا يعجبه وكان على وشك المغادرة عندما جذب انتباهه عنصر في كشك صغير عند الزاوية، كان حقل الطاقة الذي ينبعث من العنصر كبيرًا وكان العنصر الأكثر تميزًا في مدينة التحف بأكملها.