توجه أيهم نحو الكشك الصغير في الزاوية مباشرة لكنه كان يتظاهر بعدم اهتمامه بذلك العنصر بالذات بينما كانت عيناه تتنقلان بين القطع الأثرية القديمة المعروض، كان يتظاهر بأنه يفحصها بشكل عرضي كي لا يجذب اهتمامه انتباهًا غير مرغوب فيه.
قال البائع وهو يبتسم لإغرائه بالبضاعة أو ربما لخداعه: "ألق نظرة أيها شاب، جميع العناصر في كشكي جيدة."
أومأ أيهم للبائع برأسه فقط بينما كان يواصل فحص العناصر، فوجئ قليلًا عندما رأى الغرض الذي يمتلك حقل طاقة قويًا فقد تبين أنه مجرد مزهرية خزفية عادية جدًا، يبلغ ارتفاعها حوالي 24 بوصة ولا يوجد شيء فيها يبدو غير عادي.
كانت خيبة الأمل واضحة على وجه البائع عندما رأى أن نظرات أيهم كانت مثبتة على المزهرية الخزفية حتى أنه فقد اهتمامه بالحديث فجأة وقال في نفسه: "تلك المزهرية مجرد تقليد لا قيمة له، والأهم من ذلك لا أستطيع خداع هذا الرجل بها لأن صناعتها سيئة لدرجة أنه حتى شخص غير مهتم باقتناء التحف يمكنه أن يرى أنها تقليد سيء الصنع." ثم قال بهدوء: "من فضلك قل لي أنك لا ترغب بها أيها الشاب..."
وضع أيهم المزهرية الخزفية أمامه وسأل وهو يبتسم: "ما هو سعرك الابتدائي؟"
"500 دولار، سأعطيك السعر الذي دفعته أنا فقد اشتريتها ب500 دولار، لكن كما ترى إنها تقليد سيء الجودة وأي شخص لديه عيون خبيرة يمكنه أن يرى ذلك في لمحة."
استدار أبهم واستعد للمغادرة عند سماع تلك التعليقات فصاح له البائع بيأس: "مهلًا! مهلًا لا تذهب أيها الشاب، لماذا تتبع هذا الأسلوب؟! على الأقل أعطني عرضًا يناسبك."
ضحك الناس الذين كانوا يتجولون حول الكشك عندما سمعوا البائع وهم ينظرون إلى المزهرية الخزفية بسخرية ويفكرون: "لا عجب أن الشاب لم يهتم بالتفاوض فتلك المزهرية ليست أصلية في الأساس، ربما رأى الشاب الشاب نية البائع في خداعه."
عاد أيهم إلى الكشك مرة أخرى ثم عرض على البائع: "80 دولار، سآخذها إن كان السعر يناسبك."
"80 دولار؟!" قال البائع وقد اتسعت عيناه من الصدمة ثم ظهر الغضب على وجهه وهو يقول: "قلت لك 500 ومع ذلك تعرض عليّ 80؟! هذه ليست الطريقة الصحيحة للتفاوض أيها الشاب."
عبس أيهم وقال: "أنا مهتم بشراء هذه المزهرية لأنني أعتقد أنها كبيرة بما يكفي لي لتخزين مخللاتي فقط، لا بأس إذا لم تكن مهتمًا ببيعها لي سأشتري مزهرية أصغر حجمًا."
قال البائع باستياء: "لكن السعر الذي عرضته منخفض جدًا."
لم يقع أيهم في فخ البائع حيث هز رأسه وقال: "على الرغم من أنني مجرد شخص عادي فيما يتعلق بجمع الآثار إلا أنني ما زلت أستطيع تمييز المنتج السيء، لولا حقيقة أنني أخطط لاستخدامها لوضع مخللاتي لما نظرت إليها حتى."
لم يتمكن المتفرجون من الامتناع عن الضحك وكانوا يقولون لأنفسهم: "هذا الشاب محق، أي نوع من المقتنيات غير المفيدة سيعتبر فوضى بلا فائدة في المنزل حتى لو أخذه بالمجان."
قدم البائع عرضه النهائي بعد أن اتخذ قراره: "اجعلها 200 وهي لك."
مرة أخرى التفت أيهم ليغادر المتجر قبل أن يقول ببساطة: "كنت أعتقد أنك ستعطيني خصمًا ومع ذلك ما زالت تريد رفع العرض؟! في هذه الحالة يمكنك الاحتفاظ بها وتخزين مخللاتك فيها."
ضحك جميع المشاهدين بصوت عالٍ.
صاح البائع بيأس: "مهلًا عد وخذها، العرض النهائي هو 80 لا أكثر ولا أقل."
رد أيهم: "ألا يمكنك أن تعطيني خصمًا ببضعة دولارات؟"
قال البائع وقد نفد صبره: "80 ولن أبيعها لك بأقل من ذلك وإلا أفضل أن أكسرها."
أخرج أيهم نقوده بتردد ودفع للبائع 80 دولارًا ثم أخذ المزهرية الخزفية وتمتم: "يجب أن تكون قادرة على استيعاب ما يصل إلى 178 أوقية من المخللات."
عندما رأى جمهورهم الصغير أن أيهم اشترى المزهرية في النهاية اعتقدوا أنه أحمق وقالوا فيما بينهم: "من الأحمق الذي قد ينفق 80 دولارًا على مزهرية سيئة المظهر فقط لملئها بالمخللات؟"
للأسف كان أيهم فقط من يعرف أن هناك شيئًا غامضًا مخفيًا داخل هذه المزهرية الخزفية وإلا من المستحيل أن ينبعث منها أقوى حقل طاقة في مدينة التحف بأكملها، كان البائع سعيدًا ببيعها لأنه باع قطعة من القمامة التي كلفته ثمانية دولارات بـ80 دولار.
عندما عاد أيهم إلى المنزل رأى أن ليلى وأمل كانتا في المنزل بالفعل لذا سأل أمل بدهشة: "هل خرجت من العمل مبكرًا؟"
أما بالنسبة للسبب الذي جعل ليلى تعود للمنزل باكرًا فقد كان يعرفه دون الحاجة للسؤال، لقد خسرت بالتأكيد كل أموالها في الرهانات على لعبة الورق.
لم تجب أمل على أيهم ونظرت بازدراء إلى الأشياء في يديه وعندما رأت النسختين المترجمتين من الكتب القديمة حول الطب التقليدي عبست وسألت باستياء: "ألم أقل لك أن تشتري كتابين متعلقين بالتجميل؟! لماذا اشتريت كتبًا عن الطب التقليدي؟! ما الأمر؟ هل ما زلت تحلم بأن تصبح طبيبًا؟"
لم يتأثر أيهم بكلامها أبدًا وردّ بلطف: "أنا مهتم بالطب التقليدي فقط."
وجدت ليلى شيئًا تفرغ عليه غضبها من الخسارة في لعبة الورق فصرخت على أيهم: "أعطتك أمل المال لشراء الكتب وليس لشراء بعض القمامة! لا تنس أنك تنفق مال عائلة غريب، وما هذا الذي تحمله في يدك أيضًا؟ مزهرية سيئة؟ لماذا اشتريتها؟ هل تعتقد أننا أثرياء؟! أنت رجل لا يجيد فعل أي شيء وكل ما تعرفه هو كيفية إهدار أموال عائلتنا، لست فقط عاجزًا عن المساعدة في تحمل نفقات العائلة لكنك تضيع الوقت في عدم فعل أي شيء أيضًا، انظر إلى زوج ابنة السيدة ميساء البشير الذي يعطيها بطاقات هدايا بقيمة آلاف الدولارات في كل موسم أعياد، أما أنا؟ ما زلت مضطرة لشراء هداياي بنفسي، لا أعرف شعور تلقي هدايا ثمينة أو الحصول على بنس منك." ثم نظرت إلى أيهم باشمئزاز.
عبست أمل أيضًا عندما رأت المزهرية الخزفية في يد أيهم وسألت: "لماذا اشتريت هذه؟"
أجاب أيهم: "أعتقد أنها جميلة جدًا."
بالطبع لن يخبر أيهم أمل أنه يستطيع رؤية حقل الطاقة الخاص بالمزهرية.
عبست أمل أكثر عند سماع إجابته وشعرت أنه لا أمل منه وأنه لا يفعل أي شيء مفيد.
صرخت ليلى بغضب: "جميلة؟! كيف تبدو لك هذه المزهرية جميلة؟! إذا لم تخبرني بالسبب فاخرج من هذا المنزل." ثم صرخت بصوت أعلى: "أخبرني أيها القمامة الغبية!"
على الرغم من أن أيهم كان يواجه غضب ليلى الخبيث إلا أنه لم يكن مهتمًا بتبرير موقفه لها لذا ببساطة وقف دون أن يقول أي كلمة.
شعرت أمل أن يبدو فاشلًا أكثر وأكثر مع الوقت عندما لاحظت أنه لا يدافع عن نفسه حتى، في قلبها كانت تشعر بخيبة الأمل وشعرت بأنها تعبت من هذا النقاش السخيف لذا توجهت نحو غرفتها في الطابق الثاني.
من جهة أخرى عاد أيهم إلى غرفته بينما كانت ليلى ما تزال تصرخ وتشتم، وضع المزهرية الخزفية على طاولته الجانبية وراقبها بعناية وهو يفكر: "من الخارج ليس هناك شيء مميز بشأنها، لكن من أين يأتي حقل الطاقة القوي؟"
فكر أيهم في ذلك لفترة طويلة ولكنه ما يزال لا يستطيع فهم هذه المزهرية الغريبة لذا وضعها في الزاوية فقط حاليًا.
في هذه الأثناء كانت أمل غاضبة في غرفتها وهي تفكر: "كانت نيتي جيدة عندما أعطيت أيهم المال لشراء بعض الكتب المتعلقة بالتجميل ولا أستطيع أن أصدق أنه اشترى كتبًا عن الطب التقليدي في النهاية، ألا يدرك أن إنقاذ السيد لؤي وليد في ذلك اليوم كان مجرد صدفة؟ هل يعتقد حقًا أنه طبيب معجزة؟"
كانت أمل منزعجة للغاية من حقيقة أن أيهم أصر على العيش في عالم أحلامه ويضيع وقته طوال اليوم، في الواقع كانت لديها الرغبة في إنهاء الأمور مع أيهم بشكل كامل.
في نفس الوقت ومباشرة بعد مغادرة أيهم لمدينة التحف جاء شاب يرتدي بدلة وأحذية جلدية يبحث عن شيء ما وكان يبدو عليه القلق، عندما وصل إلى الكشك الذي اشترى منه أيهم المزهرية الخزفية نظر إلى البائع بسعادة وعلى وجهه ابتسامة عريضة وقال: "أخيرًا وجدتك!"