"وأنت لماذا لم تمنعيه من فعل شيء كهذا؟" صرخت ليلى على أمل.
عبست أمل لكنها قررت في النهاية أن تبقى صامتة فبحلول الوقت الذي وصلت فيه كان أيهم بدأ في إسعافه بالفعل فكيف يمكنها أن تمنعه؟
صرخت ليلى بغضب: "لماذا لا نغادر الآن؟ هل تنتظر أن يأتوا للبحث عنا؟! فقط لأنك نجحت اليوم فهذا لا يكفي لإخفاء سنواتك من الفشل، هل تعتقد حقًا أنك طبيب معجزة؟"
شغلت أمل السيارة ونظرت إلى الخلف نحو أيهم فوجدته ينظر من النافذة بهدوء كأنه لم يسمع كلمات والدتها القاسية على الإطلاق فقالت في نفسها: "هناك شيء غريب." عبست وتابعت النظر إليه وبدا وكأنه شخص مختلف تمامًا عن الرجل الذي شاهدته في الظهيرة، كان أيهم في الماضي يستمر بالاعتذار لوالدتها ولم يكن أبدًا بهذه اللامبالاة، وعلى الرغم من أنها كانت مرتبكة قليلًا بسبب سلوكه إلا أنها تابعت القيادة إلى البيت بصمت.
بينما كان الثلاثة في طريقهم إلى المنزل كان الطبيب في مستشفى الرحمة التي يعتبر المستشفى الأفضل في المنطقة ينظر إلى الرجل المستلقي على السرير بحيرة، كانت عيناه تبديان تعبيرًا غريبًا وتمتم لنفسه: "كيف يمكن أن يحدث هذا؟" لقد كان يمارس الطب لأكثر من 20 عامًا ولم ير أبدًا تقنية كهذه، أربكه ذلك تمامًا حيث لم تتم خياطة الجرح ولكنه لم يكن ينزف وقد أبعدت أضلاعه المكسورة عن قلبه حتى، نظر الطبيب إلى المرأة وسأل: "هل الرجل حقًا لم يستخدم أي شيء؟"
عبست المرأة وهي تنظر إلى الطبيب وقالت: "لقد سألتني عدة مرات بالفعل أيها الطبيب سامر، كيف حال زوجي؟"
ابتسم الطبيب وقال: "أنا أعتذر، إن طريقة ذلك الرجل في إنقاذ الناس مدهشة حقًا لذا أنا عاجز عن تصديقها."
قال رجل عجوز في الغرفة بلهجة جادة: "ابحث عن ذلك الشاب يا لقمان وأعطه بطاقة عملي ثم عندما يتعافى السيد الشاب سأعدّ له وليمة."
كانت عائلة وليد واحدة من أبرز العائلات في أرمانوفا وكان محسن شخصية مهمة في المنطقة، كان لديهم ابن واحد فقط وكان الرجل العجوز على وشك التنحي لابنه ليأخذ مكانه، لذا كان ممتنًا جدًا للشاب الذي أنقذ حياة ابنه، بالإضافة إلى أن شخصًا مع مهارات فريدة كهذه يستحق صداقة عائلة وليد لذا كان محسن يخطط لشكر أيهم بصدق.
بمجرد دخول أيهم المنزل رن هاتف ليلى وبعد أن أجابت وتبادلت بضع كلمات مع الطرف الآخر أغلقت الهاتف ثم أخبرت أمل بحماس: "أمل ستأتي خالتك لاحقًا."
"حسنًا." أجابت أمل ببساطة.
"سيأتي ربيع أيضًا." قالت ليلى بسعادة.
عبس أيهم عندما سمع ذلك فقد كانت ليلى تحاول بجد أن تجعل أمل تطلقه حتى تتمكن من العثور على صهر جديد وكان هناك شخص آخر متحمس بنفس القدر وهو خالة أمل، كان ربيع نبيل الذي تتحدث عنه ليلى شخصًا قدمته خالة أمل.
التفتت ليلى ونظرت إلى أيهم ببرود وقالت: "إذا كنت تريدني أن أكون صادقة، يجب أن تبادر أنت وتطلق أمل وبهذه الطريقة لن تضيع حياتها معك، ألا تريد أن تراها مع شخص يستحقها؟"
قبل أن يتمكن من الرد قالت أمل: "أمي أسرعي وأخبري خالتي بألا تحضره، لن ألتقي بهذا الربيع الذي تتحدثين عنه."
"لن تلتقي به؟ لقد جاءوا هنا من أجلك." قالت ليلى بسرعة.
قال أيهم وهو ينظر إلى ليلى:"أمي هل تعتقدين حقًا أنه من المناسب ترتيب موعد لأمل بوجود زوجها؟"
أصابت ردة فعل أيهم ليلى بالدهشة لكنها ردت بسرعة: "كيف تجرؤ على الرد علي؟" وفي اللحظة التي كانت على وشك أن تصفع أيهم فيها لاحظت نظرته وتوقفت بشكل غريزي، كان ينظر إليها ببرود وكأنه يتحداها.
عندما رأت أمل ذلك قالت بهدوء: "إذا كنت حقًا لا تريد أن تخرج زوجتك في موعد فلا تجلس دون فعل أي شيء طوال اليوم." وبعد أن قالت ذلك صعدت إلى الطابق العلوي دون أن تنظر إلى الخلف حتى.
ظهرت على وجه أيهم ابتسامة صغيرة وتساءل في نفسه ما إذا كانت تستفزه عمدًا.
سمع صوت طرق على الباب فركضت ليلى لفتحه، دخلت امرأة تضع الكثير من المكياج ورجل شاب وسيم يحمل العديد من الهدايا.
قال الشاب وهو يبتسم: "خالة ليلى هذه هي هدية صغيرة لك."
قالت خالة أمل وهي تبتسم: "قلت له أنه لا داع لذلك لكن ربيع أصر على أنه لا يمكن أن يأتي بيدين فارغتين، هذا الشاب رائع حقًا."
عندما رأت ليلى الهدايا ابتسمت بسعادة وقالت: "لا حاجة لمثل هذه الأشياء يا ربيع."
قال الشاب بأدب: "من فضلك اقبليها فهي نابعة من قلبي."
بعد أن جلسوا نظر الرجل حوله ولكنه لم يتمكن من رؤية أمل، فهمت ليلى أفعال الشاب على الفور فقالت: "سمعت أمل أنك قادم وذهبت لتغيير ملابسها." ثم التفتت إلى أيهم وقالت: "لماذا لا تسرع وتصنع كوبًا من الشاي لربيع؟"
لم يتحرك أيهم من مكانه أبدًا وهو يفكر: "هل حقًا تطلب منه صنع الشاي للرجل الذي من المفترض أن يخرج في موعد مع زوجته؟ يا لجرأة هذه المرأة!"
"هل هذا زوج أمل عديم القيمة؟" قال الشاب وهو ينظر إلى أيهم بابتسامة مليئة بالفوقية والازدراء.
قبل أن تتمكن ليلى من الرد قال أيهم بسخرية: "أنت حقًا رجل بلا حياء، خاصةً بما أنك تلاحق زوجة شخص ما أمام زوجها!"
قالت ليلى عندما لاحظت أن أيهم يحاول استفزاز ربيع: "ما مشكلتك اليوم؟ ماذا يحدث معك؟ عد إلى غرفتك."
قال ربيع وهو ينظر إلى أيهم بغرور: "لا بأس يا خالة ليلى، لن أتجادل مع شخص مثله، فقط اطلبي من أمل أن تنزل."
مباشرة بعد ذلك جاء صوت أمل من الطابق الثاني: "سيد ربيع نبيل غادر من فضلك، لن أطلق زوجي فهذا أمنية والدتي فقط."
رفع ربيع رأسه باتجاه صوتها فوقع نظره على أمل، كانت تمتلك قوامًا رشيقًا وجمالًا لا مثيل له، لمعت الشهوة في عينيه وظهرت ابتسامة على وجهه وهو يقول بتملق: "لماذا تتعبين نفسك مع هذا الرجل يا أمل؟ لماذا تضيعين وقتك على زوج عديم القيمة؟ أنت تستحقين شخصًا أفضل."
ضحك أيهم الذي كان يقف جانبًا ببرود وقال: "بأي حق تقول ذلك؟"
لم يكن ربيع سعيدًا بمقاطعة حديثه مع أمل لكنه بدأ يتباهى: "أنا؟ من حيث الوضع المالي فأنا مدير شركة وليد، ومن حيث المظهر فأنا أكثر وسامة منك بعشر مرات، من ليس أفضل من قمامة مثلك؟ يمكنني سحقك حتى الموت بإصبع واحد فقط."
لم يكن أيهم سعيدًا بما سمعه وقاطع ببرودة: "أنت أوسم مني بعشر مرات؟ المكياج يملأ وجهك ولا أستطيع حتى أن أحصي عدد العمليات التجميلية التي قمت بها، من أين لدى رجل مثلك يرتدي مكياجًا الجرأة لقول كل هذا بثقة كبيرة؟"
أمتعت كلمات أيهم أمل لكنها لم تستطع إلا أن تتساءل ما الذي يحدث معه اليوم.
"أنت..." كان ربيع غاضبًا جدًا من كلمات أيهم لدرجة أنه لم يتمكن حتى من التفكير في رد مناسب وفي النهاية قال: "أفضل أن ألقي بنفسي من فوق منحدر بدلًا من أن أكون زوجًا عديم القيمة مثلك."
تدخلت خالة أمل بسرعة للدفاع عن ربيع: "هذا صحيح انظر إلى نفسك، ربيع هو مدير قسم في شركة وليد بعمر الخامسة والعشرين فقط، ماذا عنك؟ أنت ما تزال تلعب مع الحطب والأرز والزيت والملح كل يوم."
في اللحظة التي كانت الأمور على وشك أن تصبح أكثر حدة جاء صوت طرق على الباب مجددًا فالتفت الجميع بدهشة نحوه وتساءلوا من يمكن أن يكون هذه المرة؟
فتحت ليلى الباب لترى شابًا يرتدي بدلة أنيقة وحذاءًا جلديًا وقبل أن تتمكن من قول أي شيء سأل الشاب وهو يبتسم: "عذرًا هل السيد أيهم فواز هنا؟"