قال أيهم وهو يعبس: "ذلك لأنك أجهدت جسد الطفل، عندما يصل ذلك الخط الأسود إلى رأسه لن يكون قد تبقى لديه الكثير من الوقت للعيش."
صدم الدكتور زهير في البداية وبعد أن تعافى من صدمته قال بجدية: "أنت فعلًا طبيب أيها الشاب."
أومأ أيهم برأسه ثم تنهد وقال: "أفسحوا الطريق من فضلكم."
بعد أن سمع الدكتور زهير ذلك ابتعد على الفور عن طاولة الفحص وأخذ أيهم مكانه وأشار إلى السيدة لتوجه ظهر الطفل نحوه، كانت السيدة قد سمعت محادثتهما لذا تعاونت بسهولة ولم تتردد في رفع قميص الطفل مرة أخرى.
اختار أيهم سبع أبر فضية من الحقيبة الموجودة على الطاولة وفحص الطفل قبل أن يضع بسرعة الأبر في سبعة من قنوات الطاقة على ظهره.
"نجوم الحياة السبعة؟!" قال الدكتور زهير بدهشة.
نظر أيهم إليه وقال: "أنا متفاجئ أنك تعرف."
قال الدكتور زهير بإعجاب: "قرأت عنه في دليل قديم عندما كنت أتعلم الطب من معلمي، لكنه كان غير كامل وتقنية الإبر لمعلمي تعتبر تقنية مفقودة."
لم يرد أيهم حيث كان مشغولًا بفحص نبض الطفل، ثم وجه انتباهه إلى الأم وقال: "سيدتي عليك التحلي بالصبر، سأحتاج إلى استخدام إبرة أخرى لإيقاظه."
"حسنًا، من فضلك ساعده." أجابت الأم.
نصحها الدكتور زهير: "حتى لو استفاق الطفل ما زلت بحاجة إلى أخذه إلى المستشفى يا سيدة وفاء عزيز."
كان الدكتور زهير يمتلك مركزًا طبيًا فقط لكن هناك بعض الأمراض التي لا يمكن علاجها سوى في المستشفيات.
قاطعه أيهم بهدوء: "لا داع لكل ذلك، سيكون الطفل بخير مع بعض الدواء بعد هذه الجلسة."
"م-ماذا؟" قال الدكتور زهير بدهشة.
نظرت السيدة إليه والشك واضح عليها فقد كانت زبونة منتظمة للدكتور زهير وقد فحص جسد الطفل وقال أن شيئًا ما ينمو في دماغه لذا كان الطفل بحاجة إلى عملية لإزالة الورم، لكن الشاب أمامها كان يقول أن كل شيء سيكون على ما يرام فسألت بجدية: "هل تقول الحقيقة يا سيدي؟"
ابتسم أيهم وأومأ برأسه ثم حمل ثلاثة أبر فضية ووضع اثنتين على جانبي رأس الطفل قبل أن يضع كفه على صدر الطفل ثم أمسك بالإبرة الأخيرة بيده اليمنى وأدخلها في نقط جيم فاء-20.
"يا ربي!" صرخ الدكتور زهير من الذهول عندما شهد ذلك، كان أيهم سريعًا جدًا وعندما انتهى من قوله لذلك كانت الإبرة قد دخلت بالفعل في رأس الطفل.
بعد إدخال الإبرة الأخيرة اهتز جسد الطفل قبل أن يفتح عينيه ببطء وينظر إلى السيدة أمامه ويهمس بضعف: "أمي هل فقدت وعيي مرة أخرى؟"
"لقد استيقظت، شكرًا لله." قالت السيدة وهي تبكي بسعادة، كانت قلقة منذ أن مرض طفلها وكلما أغشي عليه كانت تخشى أنه لن يستفق.
قال أيهم وهو يبتسم: "أعطه بعض الماء والملح عندما تعودين إلى المنزل، قد يخرج بعض المخاط غدًا لأن الأشياء في دماغه بحاجة إلى مخرج." ثم كتب وصفة أخرى على قطعة من الورق وأعطاها لها قبل أن يخبرها أن تنفذها بدقة، كما طمأنها أنه إذا أخذ الطفل الدواء لمدة أسبوع ستكون كل الأمور بخير.
لكن قبل أن تلمس الورقة انتزعها الدكتور زهير وبدأ في قراءتها، كانت يداه ترتجفان وهو يقرأ ويتمتم: "لماذا لم أفكر في هذا؟ لماذا؟"
بعد أن شكرت السيدة أيهم وغادرت أغمض الدكتور زهير عينيه ثم قال بذهول: "هل... سيدي..."
"تفضل!" قال أيهم.
"هل يمكنني الحصول على نسخة من هذه الوصفة؟" سأل الدكتور زهير بقلق.
كان من الشائع أن يرفض الأطباء مشاركة وصفاتهم مع الآخرين لمنع سرقة مهاراته لكن أيهم قال وهو يبتسم: "يمكنك الاحتفاظ بها إذا أردت."
"شكرًا لك." قال الدكتور زهير بسعادة بسبب كرم أيهم ثم أكمل: "أنا آسف على سلوكي قبل قليل، لدي الموقد المناسب لك، هل تريد أن تأخذه معك؟"
كان أيهم سعيدًا بذلك لكنه قال: "لا أريد أن آخذه، أنا فقط أنوي أن أستعيره للحظة، هل يمكنني ذلك؟"
حتى لو أهداه الدكتور زهير الموقد لم يكن لديه مكان لحفظه فكيف سيشرح لأمل وليلى أنه يعالج الأعشاب إذا أخذه إلى المنزل؟ هل سيصدقونه؟ كان هناك احتمال عال أن ليلى ستستغل هذه الفرصة لتوبيخه وجعل حياته أكثر صعوبة مما كانت عليه.
أجاب الدكتور زهير باحترام: "بالطبع، تفضل من هنا."
لم يهتم أيهم بالمجاملات وتبعه إلى الغرفة، أخرج الأعشاب التي اشتراها ولم يضيع وقتًا أبدًا وقام بإشعال الموقد.
بمجرد أن لاحظ الدكتور زهير أن أيهم بدأ عمله استدار على الفور وغادر الغرفة، ذلك زاد من احترام أيهم له فالناس العاديون كانوا ليحاولوا مشاهدته سرًا والتعلم، لم يكن أيهم حذرًا أو قلقًا من ذلك فهو سيكون سعيدًا بتعليم الدكتور زهير بعض الأشياء وهو يصنع بعض الحبوب العادية، لكن للأسف كان على وشك صنع حبة تنظيف النخاع التي يجدها المقاتلون مفيدة وتعلم صنعها لن يكون تكون لصالح الطبيب العجوز، فقد تسوء الأمور إذا كان الدكتور زهير يمتلك مثل هذه المعرفة.
بعد ساعة أخذ أيهم الحبة التي كان قد صنعها للتو وخرج من الغرفة قبل أن يودع الدكتور زهير ويعود إلى المنزل.
بعد أن وصل إلى المنزل نظر إلى الوقت فدخل المطبخ وفكر في نفسه: "نسيت أمر البقالة عند صنع الحبة، أعتقد أننا سنكتفي بما لدينا."
ثم بدأ في الطبخ، وهذا كان المشهد الذي رأته أمل عندما عادت إلى المنزل وعبست لأن مظهره يبدو كزوج يبقى في المنزل فقط وقالت في نفسها: "لا أمل منه." وبعدها صعدت لتغيير ثيابها دون أن تزعج نفسها بالتحدث إليه حتى.
بعد فترة قصيرة عادت ليلى إلى المنزل أيضًا وهي تحمل أكياسًا كثيرةً جدًا في يدها، وضعت حقيبة شانيل التي كانت على ذراعها على الطاولة كما لو أنها تعرض كنزًا.
أنهى أيهم الطبخ في الوقت المناسب ووضع الأطباق على الطاولة بشكل مرتب، ومع ذلك كانت ليلى غير راضية حيث عبست وهي تنظر إلى الأطباق على الطاولة وسألت بحيرة: "فقط طبقان اليوم؟"
"والحساء." أجاب أيهم بهدوء.
"هذا كل شيء؟"
"هذا كل شيء!"
أومأت ليلى برأسها ولم تقل شيئًا وتوجهت لتغسل يديها.
نظر أيهم إليها بدهشة فقد كانت هذه المرة الأولى ربما التي لم تغضب فيها في السنوات الثلاث الماضية، بدا له أن هذه كانت قوة المال ومع ذلك لم يهتم لذلك وصعد الدرج وطرق بلطف على باب أمل وقال: "العشاء جاهز."
"حسنًا أنا قادمة." قالت أمل لكن بعدها لم يعد يصدر أي صوت من الغرفة.
ابتسم أيهم ونزل بمفرده.
عندما نزلت أمل رأت الطبقين على الطاولة ونظرت إلى ليلى بدهشة فعلى الرغم من أنها لا تشتكي من الطعام عادةً إلا أنها كانت مصدومة لرؤية أن ليلى لا تهاجم أيهم ولم تستطع فهم ذلك في البداية، لكنها فهمت السبب عندما رأت حقيبة شانيل على الطاولة، كانت تعرف أن ليلى تهتم بالمال فقط لذا ربما لم تغضب بسبب ال20 ألف التي أخذتها من أيهم، ومع ذلك كانت أمل ما تزال تشك بشيء ما وقالت في نفسها: "هل يعتقد أيهم أنه أفضل الآن بعد أن كسب 20 ألفًا؟" ثم سألت ببساطة: "لماذا هناك طبقان فقط اليوم؟"
ردّ أيهم: "كان لدي شيء للقيام به بعد الظهر ونسيت أن أشتري البقالة."
سألت أمل بحدة وهي تعبس: "أنت؟ تفعل شيئًا؟ ماذا يمكنك أن تفعل بالضبط؟"