"ذهبت للتنزه في شارع الفرح." قال أيهم وهو يبتسم.
عبست أمل أكثر وهي تنظر إلى أيهم وسألته: "هل فكرت في البحث عن وظيفة يا أيهم؟" بينما كانت تفكر في عقلها: "مرت عدة أشياء في ذهني الليلة الماضية، سواء كان ما حدث أمس حقيقيًا أم مجرد حلم في أعماقي ما زلت آمل أن يكون أيهم رجلًا أفضل ففي النهاية هو زوجي، على الرغم من أنني لا أشعر بأي مشاعر تجاهه إلا أننا ما زلنا مرتبطين بالقانون وعلى الرغم من أنه سبب بسيط إلى حد ما إلا أنها رابطة لا يمكن تجاهلها أو كسرها بكلمات بسيطة، بالطبع أنا غير راضية عن هذا الزواج لكنني لا أستطيع فعل الكثير وخاصة لأن جدي شخصيًا هو من رتب لهذا الزواج، لذا على الرغم من أنني بلا شك أكره أيهم أكثر مما أهتم به إلا أنني لا أريد أن نصبح أعداء."
أما بالنسبة لأيهم فقد لاحظ أن هذه هي المرة الأولى التي تسأله فيها أمل أسئلة كهذه فقال في نفسه: "كانت أمل دائمًا غير مبالية بي، هل يمكن أن يعني هذا أنها تعطيني فرصة؟" ثم قال بصراحة وهو يراقب تعابير وجهها: "يمكنك مساعدتي في افتتاح مركز طبي إذا كان ذلك ممكنًا." ثم صمت قليلًا قبل أن يضيف وهو يراقبها بعناية: "مركز طبي للطب التقليدي."
رفضت أمل مباشرة بعد سماع ذلك وقالت: "الطب التقليدي؟ أنت ما تزال غير واقعي، أتعرف ذلك؟ كنت محظوظًا فقط بالأمس لذا لا تعتبر نفسك خبيرًا بالمهارات الطبية لأنه صادف أنك أنقذت السيد لؤي وليد."
لم يستطع أيهم إلا أن يبتسم باستسلام عندما لم يتلق دعمها وقال في نفسه: "بالتأكيد تحيز أمل ضدي لم يتكون في ليلة وضحاها، لكن من سيجرؤ على اعتبار نفسه خبيرًا بالمهارات الطبية أمامي أنا في كل هذا العالم؟" ثم أوضح ببساطة: "أنا أعرف القليل عن المهارات الطبية، تدير عائلة غريب صالون تجميل ويعتبر العلاج التجميلي فرعًا من المهارات الطبية، أريد مساعدتك لذا بذلت بعض الجهد في هذا المجال، من يعرف؟ ربما يومًا ما سأتمكن من صنع منتج تجميل رائع لك."
"حسنًا دعنا نأكل الآن." قالت أمل ثم أخفضت رأسها وبدأت في تناول الطعام ولم تكن مهتمة بإكمال الحديث، فقدت اهتمامها بهذا الكسول وركزت على عشائها، كانت تعتقد أن أيهم قد يكون لديه العزم على العمل بجد لكنها لم تكن تثق بقدراته.
أما بالنسبة لأيهم فقد قال لنفسه بعد أن رأى رد فعلها: "كما هو متوقع ما زالت لا تصدقني."
قالت ليلى فجأة عندما قرر كلاهما التوقف عن الحديث: "في الواقع سيكون من الجيد لو كان بإمكان أيهم العمل في مركز طبي."
نظر أيهم إليها بشك وقال في نفسه: "لن أصدق أن ليلى تقول ذلك من أجل دعمي، إنها بالتأكيد تنظر إلي كما لو كنت صندوقًا تجد المال فيه كلما فتحته بعد ذلك الشيك."
قالت أمل بغضب: "جيد؟ ما الجيد في ذلك؟ إنه ليس خبيرًا طبيًا في الواقع."
ومع ذلك لم تقتنع ليلى بذلك وقالت: "كيف أمكنه إنقاذ السيد لؤي وليد أمس لو لم يكن يعرف أي مهارات طبية؟ ليس هذا فحسب بل حتى أن عائلة وليد زارته شخصيًا وشكروه، إذا أردت رأيي فأنا أقول أن هناك بعض الصدق في كلامه وربما لديه موهبة في الطب."
شعرت أمل بالإحباط من ليلى بسبب كلامها وردت بغضب: "هل يمكنك ألا تنصتي إلى كلامه الفارغ يا أمي؟ كان محظوظًا فقط في ذلك اليوم، وصل الإسعاف في الوقت المناسب وأيهم ساعد المسعفين في حمل السيد لؤي وليد إلى السيارة فقط."
"ماذا؟! أليس أيهم من عالجه؟!" صاحت ليلى عندما سمعت ذلك وكانت تنظر إلى أمل وأيهم وهي عاجزة عن تصديق أن ما قالته أمل صحيح.
"لماذا تنظرين إلي هكذا؟ هذه هي الحقيقة." قالت أمل مباشرة.
صدقت ليلى أمل أخيرًا عندما لاحظت أن أيهم لم يدافع عن نفسه لذا سألت بقلق: "إذًا هل ستطلب عائلة وليد استرداد الأموال عندما يكتشفون ذلك؟" ثم هددت أيهم: "أيهم أنا أخبرك من الآن أنت ستدفع لهم أموالهم بنفسك إذا جاءوا لطلبها."
رد أيهم ببساطة: "لست أنا من أنفقها فلماذا يجب أن أدفع؟ وأيضًا لست أنا من طلبت تلك الأموال حينها."
ردّت ليلى بغضب: "هل تعتقد حقًا أنك طبيب معجزة؟ كيف تجرؤ على الرد عليّ؟! لو كنت أعرف هذا لما سمحت لربيع بالمغادرة في ذلك اليوم، انظر إلى ما فعلته! وماذا إن كنت أنا من أنفقت تلك الأموال؟ عائلة وليد ستبحث عنك أنت عندما يريدون استردادها."
لم يستطع أيهم أن يضيع وقته مع امرأة غير عاقلة مثلها لذا تابع تناول الطعام بصمت.
قالت ليلى بازدراء: "أنت لا تستطيع فعل أي شيء بالفعل، أنت تعرف كيف تخدع الناس للحصول على المال فقط."
لم تعد أمل التي كانت تجلس جانبًا ولا تتدخل تحتمل سلوك ليلى لذا قالت بانتقاد: "أمي أنت من أنفقت كل تلك الأموال لذا كيف يمكنك وضع أيهم في مثل هذا الموقف؟ بالإضافة إلى ذلك أين يمكنه العثور على 20 ألفًا؟ عندما تطلب عائلة وليد تلك الأموال سأدفعها أنا إذا لم تقومي أنت بذلك."
عندما سمعت ليلى ذلك توقفت عن التنمر على أيهم وبدأت بالصراخ: "لا تجرؤي على ذلك! كيف تجرؤين على التمرد ضد أمك؟! هل تستغلين غياب والدك عن المنزل لتعامليني بهذه الطريقة؟! لماذا يجب أن أعاني من مصير بائس كهذا؟ أولًا تزوجت من خاسر مثل والدك ثم تزوجت أنت من شخص لا يجيد فعل أي شيء، ابنتي عاقة، ماذا فعلت لأستحق هذا؟!"
عبست أمل بانزعاج عندما بدأت ليلى بالصراخ والشكوى ووضعت شوكتها وسكينها وقالت أنها شبعت وتوجهت إلى الطابق العلوي ثم أغلقت الباب بقوة دون أن تعطي ليلى أي اهتمام.
عبس أيهم وهو ينظر إلى كمية الطعام المتبقي في صحن أمل، كانت كمية الطعام قليلة بالأصل فكيف يمكن لجسدها تحمل الجوع إذا أكلت جزءًا صغيرًا جدًا منه فقط؟ وعندما فكر في ذلك وضع شوكته وسكينه جانبًا أيضًا وهو ينظر إلى ليلى بانزعاج.
قالت ليلى عندما رأت أيهم يوجه لها اللوم بنظراته: "لماذا تنظر إليّ بهذه الطريقة؟ أنت مجرد شخص لا يستطيع فعل أي شيء يعيش على حساب عائلة غريب، بأي حق تنظر إلي هكذا؟"
على الرغم من أنه كان يعرف أن ليلى ستقول له المزيد من الإهانات وأنه يجب أن يتحملها كما فعل في الماضي إلا أنه لم يستطع السيطرة على غضبه بعد الآن لذا نظر إليها ببرود مخيف، فاجأ ذلك ليلى التي قالت في نفسها: "ما السر في نظرته؟ لماذا تبدو مخيفة جدًا؟" وأجبرها عقلها على السكوت دون قول المزيد من الشتائم وقالت فقط: "تظن أنه رجل قوي الآن؟ حسنًا اخرج واكسب بعض المال إذًا."
لم يرغب أيهم في إعطائها رضا الرد عليها لذا قام وبدأ في التنظيف.
عندما دخل أيهم إلى المطبخ مع جميع الأطباق المستخدمة قرر صنع وعاء من الرامن وأضاف بيضة إلى الطبق وبعد أن أنهى صنعه صعد إلى الطابق الثاني إلى غرفة أمل وطرق الباب.
"ما الأمر؟" جاء صوت أمل من الداخل.
"لاحظت أنك لم تأكلي جيدًا لذا صنعت لك وعاءً من الرامن." قال أيهم بلطف.
فتحت أمل الباب وكانت تشعر بالاهتمام بسبب ما فعله ولكن الغضب تحرك في قلبها عندما نظرت إلى وعاء الرامن في يديه وقالت: "أيهم لماذا لا تجد شيئًا مفيدًا للقيام به؟ حتى لو كانت وظيفة تدفع بضعة مئات من الدولارات، هل تعتقد أنه من الجيد أن تقضي وقتك في المطبخ طوال اليوم؟"
لم يكن أيهم يستمع إليها في هذه اللحظة حيث كان تركيزه مشغولًا بتأمل جمالها.
لاحظت أمل نظراته فقالت بغضب: "إلى ماذا تنظر؟! أنت حقًا رجل بلا قيمة!"
"هل تعتقدين أنني أجلب لك العار؟" سأل أيهم ببرود وكأنه غير مهتم بغضب أمل أو ربما لأنه اعتاد على ذلك.
قالت أمل بغضب: "أنت تعرف إذًا! لن أحتقرك لو كان لديك وظيفة محترمة حتى لو كانت ذات أجر منخفض لكن انظر إلى نفسك، ماذا لديك؟!"
ظهرت القليل من الرقة في عيني أيهم وهو يتأمل وجه أمل الجميل وقال: "أعلم أنني لم أكن عند توقعاتك دائمًا وأحرجتك في الماضي لكن أخشى أنك ستجدينني مثيرًا للإعجاب كثيرًا من الآن فصاعدًا."