كانت أمل تستلقي على سريرها وتتذكر ما حدث اليوم، لم تكن تعرف كيف يجب أن تشعر بشأن التغيير المفاجئ في سلوك أيهم، قالت في نفسها: "ربما أنا أتخيل، لقد كان محظوظًا اليوم فقط." ثم نامت وهي تفكر.
من ناحية أخرى كان أيهم جالسًا على سريره المفرد في غرفة كان من المفترض أن تكون غرفة تخزين بجوار غرفة أمل، كانت هناك خيوط دخان أبيض تخرج من رأسه وكأنه شخص خارق، كان عليه أن يستغل هذه الفرصة بعد أن أعطاه الله فرصة أخرى في الحياة، ظل يحاول الشعور والاتصال بتلك النقطة الغامضة حول بطنه بينما كان يركز على كتيب الإرشادات في ذكرياته، بما أنه كان محترفًا في فنون القتال سابقًا لم يكن من الصعب عليه العودة إلى ذلك المستوى بمساعدة واحدة من أعظم الكتب الإرشادية المعروفة للإنسان، فجأة صدر صوت خافت من جسده في الساعات الأولى من الصباح وبعدها غمره شعور لا يوصف كما لو أنه يستلقي على سرير من الغيوم، خلال هذه الفترة من التأمل تم شفاؤه وتمكن من استعادة القدرة الأساسية على جمع الطاقة الداخلية والطاقة الأساسية، لمعت عيناه عندما فتحهما وأخذ نفسًا عميقًا بينما توقف عن التأمل، ثم مسح عرق جبينه وتمتم بارتياح: "أستطيع أخيرًا ممارسة فنون القتال مرة أخرى."
في اليوم التالي استيقظ أيهم مبكرًا لتحضير الإفطار كالمعتاد، على الرغم من أنه يستطيع تخزين الطاقة الأساسية الآن إلا أنه لم يكن يخطط لترك موقعه كصهر اتكالي في الوقت الحالي، في المرة الماضية كان أعداؤه يعدّون المكائد له دون أن يشعر ولكن الآن هو الشخص البعيد عن الأنظار وذلك سيجعل التحقيق فيما حدث في السنوات الماضية سهلًا عليه.
استيقظت أمل ورأت أيهم مشغولًا في المطبخ وفكرت في نفسها: "ربما كنت متعبة جدًا وأصبت بالهلوسة أمس، هو ما يزال عديم الفائدة."
"الطعام جاهز هيا نأكل." قال أيهم وهو يبتسم عندما لاحظ وصولها.
بعد أن وضع أيهم الإفطار على الطاولة التفت وعاد إلى المطبخ فسألت أمل: "لماذا استيقظت مبكرًا؟"
التفت ونظر إليها وقال: "أنا دائمًا أستيقظ باكرًا، يبدو اليوم مختلفًا لأن حماتي ليست في المنزل فقط."
نظرت إليه وهي تفكر، شعرت أنه تغير خلال الليل ولكنها لم تستطع تحديد ما الذي تغير، كان ما يزال يرتدي ملابسه المعتادة وكان الإفطار لذيذًا كالعادة، أكدت هذه الحقائق لأمل أن هذا الشخص هو أيهم الذي يجيد العمل في المطبخ فقط، لكنها قالت في نفسها: "لكن… عيناه، عيناه فيهما شيء آخر لم يكن لديه أبدًا وهو الثقة!"
نظر أيهم إليها وقال: "تناولي الطعام بسرعة، ستبدأ عائلة غريب بإزعاجك مرة أخرى إذا تأخرت." ثم عاد إلى المطبخ وجلس على مقعده المخصص لتناول الإفطار.
على الرغم من أنهما تزوجا منذ ثلاث سنوات ما يزال لا يُسمح لأيهم بالأكل على طاولة الطعام، كانت هذه قاعدة فرضتها ليلى ولم تعترض أمل عليها.
فهمت أمل ما كان يلمح إليه فقد كان ذلك يتعلق بليلى التي تنتقده دائمًا فسألت: "إلى أين ذهبت أمي؟"
أجاب: "لا أعرف، خرجت مبكرًا جدًا." ثم حلّ الصمت بينهما.
عندما انتهت أمل من تناول الإفطار استعدت للمغادرة لكنها فجأة التفت نحو أيهم وقالت: "يمكنك حقًا البحث عن وظيفة، إن كنت تفهم قصدي."
ردّ أيهم: "البحث عن وظيفة؟ من سيطبخ عندها؟ لقد مضت ثلاث سنوات وفي كل مرة أخرج للبحث عن وظيفة تتصل بي أمك دائمًا لتعيدني، أعرف أنها تريدني أن أعتمد عليكم وأعيش مثل الكلب الذليل، دائمًا ما تقول أنني لا أكسب المال وأنني عديم الفائدة لكن هل أعطيتموني فرصة لأثبت نفسي؟"
عبست أمل عند سماع رده وقالت: "إذا كان لديك حقًا ما يلزم لماذا تستمر أمي في منعك؟"
أصدر أيهم صوتًا ساخرًا لكنه لم يقل شيئًا آخر والتفت لتنظيف المطبخ.
أغضب ذلك أمل وسألت: "أنا أحاول أن أكون لطيفة، ما هذا التصرف؟ إذا كان الأمر كذلك يمكنك الاعتماد على نفسك عندما ننفصل!"
أجاب أيهم: "ليس عليك القلق بشأني بما أنك تخططين للانفصال."
"أنت... من قال أننا سننفصل؟ أنت غير معقول!" قالت أمل ذلك ثم التفتت ودفعت الباب بقوة.
"لن ننفصل؟ إذًا هل أنت قلقة بشأني؟" قال أيهم بسخرية.
"أنت!" قالت أمل بغضب ثم أغلقت الباب بقوة، قالت في نفسها: "أيهم ما يزال كما هو، ما زال عديم الفائدة، لا ليس عديم الفائدة فقط بل إنه أيضًا غير محترم."
بعد أن غادرت أمل غاضبة غادر أيهم المنزل أيضًا لكنه لم يكن يلحق بها بل ذهب إلى المركز الطبي، إذا أراد أن يستعيد قواه بسرعة كان بحاجة إلى حبة تنظيف النخاع وللحصول عليها كان بحاجة لصناعتها بنفسه، لذا ذهب إلى شارع الفرح الذي يحتوي على معظم المراكز الطبية في أرمانوفا، اختار مركزًا طبيًا عشوائيًا لديه عدد قليل من الناس وسلّم وصفة لطالب الطب.
نظر الطبيب العجوز ذو الشعر الأبيض الذي يجلس جانبًا إلى أيهم بسرعة قبل أن يغلق عينيه ويتجاهله، عندما أخذ أيهم جميع الأعشاب الطبية التي كان يبحث عنها توجه إلى الطبيب العجوز وسأل: "أيها طبيب هل تبيع الأفران والإبر الذهبية هنا؟"
فتح الطبيب العجوز عينيه ونظر إلى أيهم بوقاحة قبل أن يسأل: "لماذا تحتاج إلى فرن وإبر ذهبية أيها الشاب؟ هل أنت طبيب؟"
دفع أيهم ثمن الأعشاب الطبية وهو يستعد للمغادرة وقال: "أحتاج فقط إلى هذين الشيئين، إذا لم يكن لديكم سأبحث في مكان آخر."
عندما وصل إلى المدخل اصطدم بشخص ما وقد كانت امرأة تحمل طفلًا بين ذراعيها وفي اللحظة التي كانا على وشك السقوط على الأرض أسرع أيهم وأمسك بهما لمنع ذلك من الحدوث، لم تهتم السيدة بأيهم وأسرعت نحو الطبيب العجوز وقالت بقلق: "دكتور زهير طفلي أغمي عليه مرة أخرى."
قال الطبيب العجوز: "سيدة وفاء عزيز هذا مركز طبي صغير فقط، قلت لك أنك تحتاجين إلى الذهاب إلى مستشفى مجهز بشكل أفضل لمرض طفلك."
قال المرأة وهي تبكي بيأس: "ولكن يا دكتور زهير أنا لا أملك المال، هذا الطفل كل ما لدي ولا يمكنني التخلي عنه..."
"دعيني أوقظ الطفل." قال الدكتور زهير ثم أخرج إبرًا فضية وتجهز للقيام بالوخز بالإبر.
نظر أيهم إلى الطفل في أحضان السيدة وقال: "أنت تبالغ بتحميل جسد الطفل."
نظر الثلاثة في المركز الطبي جميعًا إليه بدهشة ووقف طالب الطب الذي كان خلف المكتب وقال: "أغلق فمك! معلمي يعالجه، من أنت لتقاطعه؟"
عبس الطبيب أيضًا ونظر إلى أيهم وقال: "هل أنت طبيب أيها الشاب؟"
"أعرف القليل." ردّ أيهم.
قال الدكتور زهير بغضب: "القليل؟ إذًا ما دليلك على أنني أحمل جسد الطفل أكثر من طاقته؟"
لم يهتم أيهم بردّ الطبيب غير المحترم وقال: "انظر إلى ظهر الطفل، يجب أن ترى خطًا أسود بالقرب من قلبه."
لم يصدقه الدكتور زهير ولكنه رفع قميص الطفل للتحقق من ظهره وعلى عكس ما توقع رأى ذلك الخط الذي تحدث عنه أيهم فقال: "كيف يمكن هذا؟"